صالة التحرير

المناطق الهشة بيئيا في شمال غربي الصين تحتضن فرصا جديدة لـ”الاقتصاد الأخضر”

تقع منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي في شمال غربي الصين، وتعرف باسم “ساي شانغ جيانغ نان”، لكنها كانت تعاني من العديد من المشاكل البيئية، إذ تم الاعتراف بمنطقة شيهايقو من قبل الأمم المتحدة باعتبارها “واحدة من أكثر المناطق غير الملائمة للمعيشة”، كما تم ممارسة أعمال التعدين في جبال خهلان في شمالي المنطقة بشكل غير منظم لفترة طويلة مما أدى إلى إنهاك التربة.

في السنوات الأخيرة، تحتضن نينغشيا، وهي منطقة هشة بيئيا، بنشاط الفرص الجديدة التي يجلبها “الاقتصاد الأخضر”.

“تشهد إقبالا كبيرا يجب إجراء الحجوزات مسبقا خلال موسم الذروة، وإلا لا يمكن حجز الغرف على الإطلاق، يرغب الناس في تجربة الصيف عند 18 درجة مئوية” قال يه سان تشنغ، قروي في قرية يهجيا، بمحافظة جينغيوان، في مدينة قويوان، بفخر في فناء مزرعته.

لم يتخيل المزارع بشمال غربي الصين أبدا أنه سيستمتع بأرباح “الاقتصاد الصيفي”، تقع مدينة قويوان في المنطقة الأساسية من شيهايقو، حيث عانت المنطقة من البيئة القاسية والفقر المدقع لفترة طويلة.

من أجل توفير الطعام، لم يكن أمام المزارعين سوى القطع الجائر للأشجار، والقضاء على البيئة من أجل توفير الغذاء، إلى جانب البيئة الطبيعية الجافة وندرة الأمطار، تم استنفاد الأرض تدريجيا.

“في الماضي، كانت الأيام مريرة، وكان علي الذهاب إلى سفح الجبل في الصباح الباكر لجلب الماء، وكان علي أن أمشي أكثر من عشرة كيلومترات لشراء الخضار واللحوم، ولم يكن لدي ما يكفي من الطعام بعد الانشغال لمدة عام إذا حدث الجفاف”، يتذكر هو شو كه، وهو مزارع انتقل من شيهايقو إلى مدينة ينتشوان، حاضرة منطقة نينغشيا.

الهجرة البيئية هي إجراء رئيسي اتخذته الحكومة الصينية لحل مشكلة الحماية البيئية، وعلى مدى أكثر من 40 سنة مضت، تمت إعادة توطين أكثر من 1.23 مليون شخص في نينغشيا، مما أعطى شيهايقو فرصة للتعافي الطبيعي.

من خلال القيام بأعمال زراعة الأشجار في ظروف العيش في مساكن عشوائية وقضم طعام متواضع، إلى تنفيذ مشروعات إعادة الأراضي الزراعية إلى الغابات والأراضي العشبية، وإغلاق الجبال وحظر الرعي، بعد عدة أجيال من الجهود، تتغير شيهايقو تدريجيا من اللون “الأصفر” إلى اللون “الأخضر”.

في نهاية عام 2022، بلغ معدل تغطية الغابات في مدينة قويوان 14.4 في المائة، وهو أعلى بكثير مما سجل في الثمانينات من القرن الماضي البالغ 1.4 بالمائة.

في أوائل الخريف، تمتلئ شيهايقو بالجبال والحقول المتدرجة الخضراء، حيث إن مناظر جبل ليوبان خلال الرذاذ خلابة جدا، وبذلك يتحول المكان غير الملائم للمعيشة إلى مكان ساحر للسياحة الصيفية، حتى أصبحت قاعدة إنتاج الخضروات لمنطقة خليج قوانغدونغ وهونغ كونغ وماكاو الكبرى وأماكن أخرى.

في عام 2013، جاء ليانغ وي، وهو مواطن من مقاطعة قوانغدونغ بجنوبي الصين، إلى حي يوانتشو بمدينة قويوان لزراعة خضروات المناطق الباردة، قال “هنا الأرض مرتفعة، والمناخ بارد، والضوء قوي، والاختلاف كبير في درجات الحرارة، لذا تكون جودة الخضروات جيدة بشكل خاص، لا داعي للقلق بشأن البيع على الإطلاق، تختلف شيهايقو عن ما كانت عليه في الماضي”.

في عام 1958، عندما تم الانتهاء من أعمال البناء وبدء التشغيل لأول خط سكك حديدية صحراوي في الصين، خط باولان، توقع بعض الخبراء الأجانب أن يتم دفن السكك الحديدية في الصحراء في غضون 30 عاما على الأكثر. ولكن حتى يومنا هذا، لا تزال السكك الحديدية تشهد تشغيلا كثيفا.

يرجع كل ذلك إلى حواجز الرمال المصنوعة من قش القمح.

“وفقا للبحث، تزاح حبيبات الرمال بفعل الرياح ثم تهبط على مسافة لا تزيد عن 1.05 متر، لذلك يتم ربط مربع القش الذي يبلغ طوله مترا واحدا وعرضه متر واحد بشبكة، لمقاومة الكثبان الرملية المتحركة”. قال تانغ شي مينغ، رئيس مزرعة الغابات في الضواحي الغربية لمدينة تشونغوي.

تقع مدينة تشونغوي على حافة صحراء تنغر. وفقا للسجلات، اقتربت الكثبان الرملية المتنقلة من الحدود الغربية لمحافظة تشونغوي في عام 1949، لأكثر من 70 عاما، بالاعتماد على مربعات القش، إلى جانب التقنيات والمواد الجديدة التي يتم استكشافها باستمرار من قبل موظفي مكافحة التصحر والباحثين العلميين في الخطوط الأمامية، تمكنت مدينة تشونغوي من السيطرة على 1.5 مليون مو (مو واحد يساوي نحو 667 مترا مربعا) من الصحراء وأزاحت حدود الصحراء مسافة 25 كيلومترا.

مع تلاشي خطر التصحر، تسعى المدينة الصحراوية جاهدة لاستغلال “فوائد الرمال”.

جبل خهلان هو حاجز أمني بيئي مهم في شمال غربي الصين. غير أنه كان مصابا بـ “ندوب كثيرة” بسبب عمليات الاستخراج التقليدية للحصول على موارده المعدنية الوفيرة.

“في ذلك الوقت، كنا نعرف فقط استخراج الفحم، وفي ذروته، حفرنا 500 ألف طن من الفحم من جبل خهلان سنويا. في ذلك الوقت، كانت الرياح تهب فأصبحت السماء مليئة برماد الفحم الأسود، ولا يمكن رؤية أي شيء على الطريق”، قال هو جيان تشو، النائب السابق لمدير منجم وانغتشيوانقو للفحم في مدينة شيتسويشان في نينغشيا.

في عام 2017، أطلقت نينغشيا “حرب الدفاع البيئي لجبل خهلان”، حيث أغلقت تماما جميع مناجم الفحم والمناجم الأخرى ومحطات غسل الفحم وتخزينه في محمية جبل خهلان.

“الاستعادة البيئية ليست مهمة سهلة” قال هو جيان تشو، في عام 2019، أحضرت أكثر من 100 شخص، وتم رش بذور العشب وحدها لمدة يومين، في السنة الأولى، أطارتها الرياح جزءا منها وأكل الدجاج البري جزءا آخر، في العام التالي قمنا برشها مرة أخرى، وعادت بذور العشب ببطء إلى الحياة، فقط عندما تكون بذور العشب على قيد الحياة يمكن زراعة الشجر”.

وفي السنوات الست الماضية، نفذت نينغشيا معالجة خاصة وتصحيحا شاملا لـ169 نقطة نشاط بشري في محمية جبل خهلان الوطنية الطبيعية و45 نقطة بجانبها تؤثر بشكل خطير على البيئة الإيكولوجية، وسحبت 16 مليون طن من الطاقة الإنتاجية للفحم. اليوم، تصل مساحة الغابات في المحمية إلى 27600 هكتار.

 

المصدر: شينخوا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0:00
0:00