صالة التحرير

شركات الأسواق الناشئة معرضة للمخاطر وسط ديون 400 مليار دولار

تواجه شركات الأسواق الناشئة الضعيفة، صدوعا وسط ارتفاع معدلات الاقتراض العالمية إلى أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية.. الأمر الذي يوقف فرص إعادة تمويل ما قيمته 400 مليار دولار من الديون المستحقة في العام الجديد.

وفي ظل ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية إلى أعلى مستوياتها منذ 15 عامًا وارتفاع تكاليف الاقتراض بشكل كبير، تمكنت الشركات التابعة للدول النامية من تجديد 10٪ مما تحتاجه فقط.

علاوة على ذلك، ربما يكون الصراع في مراحله الأولى فقط، إذ من المرجح أن تتفاقم تحديات إعادة التمويل عندما يحل موعد استحقاق سندات الشركات البالغ قيمتها 300 مليار دولار أخرى في عام 2025.

يقول مديرو الأموال وشركات التصنيف الائتماني إنه كلما ظلت أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، أصبح هذا الوضع أكثر صعوبة، فبالنسبة للشركات عالية الجودة، قد يتخذ الأمر شكل ارتفاع كبير في أسعار الفائدة.

ولكن بالنسبة لبعض الشركات منخفضة التصنيف الائتماني، فإن هذا يعني صفقات إعادة تمويل فاشلة، الأمر الذي قد يؤدي إلى حالات التخلف عن السداد أو حتى الإفلاس.

لقد تضاعف متوسط العائد على سندات الأسواق الناشئة ذات التصنيف غير المرغوب فيه في العامين الماضيين، ليصل الآن إلى حوالي 12%، حسب ما أوضحته وكالة أنباء “بلومبرج”.

لذلك، في وقت قد تتمكن فيه بعض الشركات الأفضل حالاً من تجنب التخلف عن السداد، ثمة ركن من هذه السوق لا يزال ضعيفًا للغاية، بحسب سيرجي ديرجاتشيف، مدير المحفظة ورئيس ديون الشركات في الأسواق الناشئة لدى “يونيون إنفستمنت بريفتفوندز جي إن بي إتش”.

وأضاف ديرجاشيف: “أرى على وجه الخصوص أن بعض الشركات خارج الصين والأرجنتين والبرازيل وأوكرانيا معرضة لإعادة تمويل الديون في ظل هذه البيئة”.

نحن نشهد بالفعل هذا الأمر في مواقف صادرة من كولومبيا إلى دبي، حيث لم يكن أمام بعض الشركات خيار سوى تغطية آجال استحقاقها القادمة بأسعار فائدة مضاعفة تقريبًا.

على سبيل المثال، اضطرت شركة “إكوبترول” في كولومبيا إلى دفع 8.625% و9% لاقتراض 1.5 مليار دولار في يونيو، أي بزيادة قدرها 4 نقاط مئوية في تكاليف الاقتراض في عامين.

كما باعت شركة “شيلف دريلينج هولدينجز”، ومقرها دبي، سندات بقيمة 1.1 مليار دولار الشهر الماضي بعائد 10.125% في عملية إعادة تمويل، مع أعلى معدل قسيمة عرضته على الإطلاق.

تخلفت الشركات الناشئة عن سداد ديون بقيمة 26 مليار دولار حتى الآن في عام 2023، مما يرفع إجمالي المبالغ المتخلفة عن السداد خلال دورة التشديد الحالية للاحتياطي الفيدرالي إلى 80 مليار دولار، حسب بيانات جمعتها “بلومبرج”.

وهذا بالمقارنة مع 9.3 مليار دولار فقط لعام 2021 و9.5 مليار دولار في عام 2020.

عادةً ما يمكن للمستثمرين العثور على فرص شراء في العالم المتعثر، لكن حتى هذه الفرص تكون متقلبة بعض الشيء.

شعر المتداولون الذين راهنوا على تخفيف ضائقة الديون في الأسواق الناشئة خلال العام الجاري، والذي سيؤدي بدوره إلى مكاسب السندات، بخيبة أمل.

آلام شديدة

في وقت تعتبر فيه معظم ديون الشركات المستحقة في الأسواق الناشئة من الدرجة الاستثمارية، فإن 110 مليارات دولار من الديون المستحقة ستواجه جهات إصدار ذات تصنيف عالي المخاطر على مدى العامين المقبلين، وعند هذه النقطة يتوقع فيه معظم مديري الأموال حدوث معظم صعوبات إعادة التمويل وفشل الصفقات.

واجهت الشركات ذات العائد المرتفع صعوبة في إعادة تمويل السندات خلال العام الحالي، اذ جاءت واحدة فقط من أصل أربع صفقات مغلقة من شركات ذات تصنيف عالي المخاطر.

وقد جمعت هذه المجموعة مجتمعة ما يصل إلى 11 مليار دولار من عمليات إعادة التمويل، وهو جزء صغير من 75 مليار دولار جُمعت خلال عام 2021.

وبينما تشهد هذه الشركات تقويض جاذبيتها الاستثمارية بسبب ضغوط إعادة التمويل، فإن الشركات ذات التصنيف الأعلى تستفيد.

قال بيتر فارجا، أحد كبار مديري المحافظ المهنية في شركة “إريست أسيت مانجمنت جي إم بي إتش”: “أنا انتقائي للغاية الآن.. الشركات الضعيفة التي نجت بتكاليف إعادة تمويل منخفضة ستنسحب، لكنني سعيد بضم الشركات التي أعتقد أنها تتمتع بإدارة قوية”.

و قال أرنود بوي، المدير التنفيذي ومدير محفظة الدخل الثابت في الأسواق الناشئة لدى بنك “جوليوس باير آند كو”، إنه مع نضوب القدرة على الوصول إلى مصادر التمويل المقومة بالدولار واليورو، فإن الشركات ذات التصنيف الائتماني المنخفض والتي يمكنها العثور على سبل أخرى مثل السندات بالعملة المحلية أو القروض المصرفية يمكن أن تتغلب على المصاعب التي تواجهها في إعادة التمويل.

وقال بوي إن “الشركات أعادت التمويل بشكل استباقي خلال الأعوام الماضية، كما تتمتع الشركات أيضًا بإمكانية الوصول إلى أسواقها المحلية أو إلى أسواق القروض لإعادة التمويل، وبمستويات أفضل في معظم الأوقات”.

وتابع أنهم “أخيرًا، يمكنهم استخدام مركزهم النقدي أو المشاركة في مبيعات الأصول للوفاء بآجال استحقاق الديون”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0:00
0:00