خلال العام 2024..«الشركات العقارية» تحديات وسط الأزمات !
بالفعل كان عام 2023 عاماً قاسياً على كل القطاعات الإقتصادية، حيث شهدت الشركات العقارية تطوراً وتغيراً كبيراً خلال هذا العام ، سواء على مستوى التحديات التي دفعت الحكومة لمنح تيسيرات للشركات ، أو على أسعار بيع الوحدات بالمشروعات العقارية وانعكاسها على إيرادات وأرباح الشركات.
عدد من خبراء القطاع أكدوا أن تحديات القطاع كانت ناتجة لتراكم عدة أزمات خلال السنوات الماضية، بداية من تعويم نوفمبر 2016 وموجات التضخم التي تتعرض لها البلاد على مدار سنوات، مروراً بانتشار فيروس كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، ثم زادت حدتها عند انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، وذلك عقب تعويم يناير الماضي، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية بفعل الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
نتائج الأحداث التي شهدها القطاع كان لها أثر واضح في أسعار مدخلات البناء وأسعار الأراضي بنسب وصلت إلى 140% “وفقاً لبيانات رسمية” الذي أثر بدوره على أسعار العقارات التي ارتفعت بنسبة 100% ، خلال العام 2023.
بالإضافة لذلك فعند النظر لأسعار الحديد ، نلاحظ أنها سجلت خلال العام ارتفاعات متتالية مقارنة بـالفترة نفسها من العام الماضي، ليسجل سعر الطن في شهر يناير الماضي 28600 جنيه مقابل 15500 جنيه في يناير 2022، بزيادة بلغت 84.5%، بينما وصل في نوفمبر الماضي إلى 38000 جنيه مقابل 20035 جنيهاً في الشهر ذاته من العام الماضي، بزيادة بلغت بـ 89.7% .
أضف لما سبق أن الارتفاعات لم تقصر فقط على الحديد، ولكن أثرت أيضاً على أسعار الأسمنت التي ارتفعت بداية من شهر يناير مقارنة بـالشهر ذاته من العام الماضي ليسجل الطن 1900 جنيه في يناير 2023 ، وذلك مقابل 1060 جنيهاً في الشهر ذاته العام الماضي بنسبة زيادة 79.2%، كما استمرت الارتفاعات ليسجل طن الأسمنت في نوفمبر الماضي، مقابل 1610 جنيهات في نوفمبر 2022، بنسبة زيادة بلغت بنحو 30.4%.
بالإضافة أيضاً إلى ارتفاع مدخلات البناء ، التى أثرت على المطورين العقاريين والشركات بهذه التحديات وموجات ارتفاع الأسعار الأراضي، ما أدى إلى تباطؤ سرعة الإنشاءات ، فضلاً عن تباطؤ حجم المبيعات أيضاً.
كما تراجع أداء القطاع العقاري دعا غرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية ، وذلك بإعتبارها الجهة المنوط بها حركة الوصل بين القطاع الخاص والحكومي للمطالبة بتيسيرات لهذا القطاع الحيوي، وسرعة عقد اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين ، لبحث هذه المعوقات ووضع روشتة عاجلة للنهوض واستمرار القطاع ، وذلك قبل أن يتأثر السوق بشكل عام.
وبالتالى نجد أنه في شهر مارس 2023 ، وافقت الحكومة المصرية على منح تيسيرات جديدة وفقاً لما قدمته وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية ، وذلك بشأن منح تيسيرات للمشروعات بالأراضي الخدمية والاستثمارية، في ضوء ما تشهده السوق العقارية، تضمنت: زيادة مدة تنفيذ جميع المشروعات الخدمية والاستثمارية والعمرانية بنسبة 20%، عن المدة الأصلية الممنوحة للتنفيذ لقطعة الأرض؛ وذلك للمشروعات التي لا تزال في مدة التنفيذ، أما المشروعات التي تم أو يتم منحها مهلة بمقابل مادي فيتم منحها ذات النسبة من هذه المهلة.
لم يكتفِ القطاع العقاري بالتيسيرات التي حصل عليها ، وخلال ذات العام استجاب مجلس الوزراء المصري مرة أخرى لطلبات غرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية وشعبة الاستثمار العقاري بإتحاد الغرف التجارية ، ومن ثم منح تيسيرات لشركات التطوير العقاري لتمكين القطاع من مواجهة الظروف الراهنة، كما تحافظ على استقرار عمل السوق العقاري.
وتضمنت التيسيرات، مد المهلة الزمنية لمشروعات التطوير العقاري بنسبة 20%، وترحيل الأقساط بنفس المدد، وذلك لتقليل الضغط الواقع على المطورين العقاريين، بالإضافة إلى ترك مهلة للمطور الذي انتهى من تنفيذ 85% من مشروعه لتنفيذ الـ%15 الباقية دون جدول زمني محدد حسب ظروف القائم على المشروع، وتخفيض الفائدة الإضافية التي كانت تفرضها وزارة المالية على المطورين من 2% إلى 1%.
كما تضمنت مد مدد المشروعات بنسبة 20% عن المدة الأصلية بما لا يقل عن عام، والسماح للأجانب بشراء أكثر من عقار، وإلغاء شرط وحدتين في مدينتين مختلفتين، وإنشاء وحدة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء لإنهاء إجراءات التملك والحصول على الإقامة والجنسية خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً، وتخفيض نسبة الإتمام للمشروعات حتى تكون 80% بدلاً من 85% السابق اعتمادها وبدلاً من 95% المعمول بها.
وشملت التيسيرات أيضاً، دعم القطاع العقاري من خلال تغيير نسبة الفائدة لتصبح الفائدة 10% لمدة عامين بدلاً من الفائدة الحالية التي تقرر بـ 20% أي بتخفيض 50% على فائدة جميع الأقساط لمدة عامين للسادة المطورين، وزيادة النسبة البنائية BUA بواقع 10% دون رسوم دعماً للمطورين، ورفع نسب الخدمات الإدارية والتجارية من 5% إلى 15% بدلاً من 8% إلى 12%، والسماح بزيادات أفقية ورأسية من الخارج، وإلغاء رسوم التخديم على النشاط الفندقي – الجامعي.
ساهمت التيسيرات التي قدمتها الدولة للقطاع الخاص في حالة من النشاط ورواج الشركات الكبرى المدرجة في البورصة المصرية وحققت نجاحاً كبيراً في نتائج أعمالها.
بالإضافة لذلك فعند رصد نتائج أعمال قرابة الـ 9 شركات العاملة في مجال العقارات ، ومدرجة في البورصة المصرية ، وذلك خلال التسعة أشهر الأولى من 2023 ، خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر الماضيين، حيث ضمت تلك الشركات كلاً من: مجموعة طلعت مصطفى القابضة، أوراسكوم للتنمية مصر، بالم هيلز للتعمير، إعمار مصر للتنمية، السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار “سوديك”، بايونيرز بروبرتيز للتنمية العمرانية “بردكو”، مدينة مصر، المطورون العرب القابضة، ومجموعة عامر القابضة “عامر جروب”.
ووفقاً لنتائج الأعمال المعلنة في بورصة مصر، حققت 8 شركات نحو 197.44 مليار جنيه مبيعات تعاقدية (مقدمات الشراء) خلال التسعة أشهر الأولى من 2023، بارتفاع تراوح بين 67% وحتى 189% عن الفترة المقارنة من 2022؛ ما عدا عامر جروب التي شهدت تراجعاً في إيراداتها خلال الفترة، مع الإشارة إلى استبعاد إعمار مصر لكونها لم تعلن عن مبيعاتها التعاقدية.
وارتفعت إيرادات الـ 9 شركات مجتمعة بنحو 20% لتسجل 66.1 مليار جنيه ، خلال التسعة أشهر الأولى من 2023، مقابل 54.92 مليار جنيه في الفترة المقارنة من 2022؛ ما عدا إعمار مصر التي تراجعت إيراداتها بنحو 10%.
ارتفعت أرباح تلك الشركات الـ 9 لتسجل 13.11 مليار جنيه خلال التسعة أشهر الأولى من 2023، مقابل 10.5 مليار جنيه في الفترة المقارنة من 2022 بنسبة 25%.
وانعكس ما شهده العام الجاري من تعويم رابع للجنيه في يناير الماضي ، وما تلاه من ارتفاع في مدخلات البناء وارتفاع أسعار الأراضي، على تكاليف النشاط لدى الشركات الـ 9 مجتمعة، لتسجل 42.56 مليار جنيه خلال التسعة أشهر الأولى من 2023، مقابل 35.99 مليار جنيه في الفترة المقارنة من 2022، بارتفاع نسبته 18%، مع الإشارة إلى تراجع تكاليف 3 شركات .
كشف تقرير بحثي صادر مؤخراً عن شركة ذا بورد كونسلتنج للاستشارات العقارية، أن 20 مطوراً عقارياً حققوا مبيعات بقيمة 448 مليار جنيه خلال أول 9 أشهر من العام الحالي، مقابل 230 مليار جنيه في الفترة المقارنة من 2022، بنسبة نمو 94.8%؛ ما يعكس استقرار وقوة السوق العقاري المصري لكونه من الصناعات الأقل تضرراً، بالإضافة إلى لجوء المواطنين إليه للحفاظ على أموالهم من التضخم وارتفاع الأسعار والتضخم.
أكد التقرير، أن قيمة المبيعات تعكس نمو السوق وتأثره بموجات التضخم وارتفاع الأسعار، ولكنها لا تعكس عدد الوحدات المبيعة إذ به ركود وتناقص نسبي، مشيرة إلى أن نمو السوق بقيمة مبيعات الجنيه المصري لا يعادل زيادة قيمة الدولار ، مما يوضح أن جزءاً كبيراً من نمو القيمة يرجع إلى انخفاض قيمة العملة المحلية.
أشار التقرير إلى أن 2 فقط من إجمالي 20 مطوراً ساهما بنسبة 29% من إجمالي المبيعات المحققة خلال التسعة أشهر، وأن 10 مطورين حققوا مبيعات بقيمة 330 مليار جنيه، بزيادة 101% عن الفترة المقارنة من 2022، وهم طلعت مجموعة مصطفى، أورا ديفلوبرز إيجيبت، بالم هيلز للتعمير؛ ماونتن فيو للتنمية والاستثمار العقاري، إعمار مصر للتنمية، سيتي إيدج للتطوير العقاري، السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك)، وفاوندرز للتسويق العقاري، مدينة مصر، ونيو جيزة للتنمية العقارية.
يذكر أن الشركات الكبرى حققت نجاحات قوية ، ولكن الشركات الأخرى غير المدرجة في البورصة وتحديداً العاملة بالعاصمة الإدارية عانت من ذات العقبات والتحديات؛ ما دفع شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية لمنح عدة تيسيرات للمطورين والشركات العاملة بالعاصمة الإدارية والحاصلة على مشروعات في المدينة، وصلت تلك التيسيرات لخصم 50% من غرامات التأخير ، ومنح مدد إضافية تصل لشهر من تاريخ الإعلان.